قصة من الواقع .اختصرت بقدر الاماكن ..
أبو خليفة
علي القضيبي مملكة البحرين
27/3/2005م
شيء من الذكريات
نشأت في بيت شيعي يتقرب إلى الله تعالى بخدمة المذهب على المستويين العلمي والشعائري. توفي والدي وقد كنت حينها صغيراً، فتكفل برعايتي وإخوتي (خالي)، وهو شيخ معمم، درس في إحدى الحوزات العلمية بمنطقة (جد حفص) في البحرين، ومن ثم أكمل دراسته بمدينة (قم) الإيرانية.
كان حريصاً علينا... حريصاً على أن لا نخالط رفقاء السوء وأن لا ننجر وراء ما يسيء إلى سمعتنا وأخلاقنا ويغضب ربنا.. .
أما والدتي فكانت حريصة كل الحرص على المشاركة في المناسبات الدينية (الحزينة منها وذات الفرح )، محتسبة في ذلك الأجر والثواب.. كونها تخدم الإمام الحسين.
أما جدي (والد أمي) فكان في حياته يصنع الطبول التقليدية المستخدمة في تنظيم مسيرات التطبير في المواكب الحسينية، في مسيرات احتفالات أواخر ليالي رمضان المسماة بـ(ليلة الوداع).
ولا يفوتني أن أشير إلى أنّ جميع أهلي بما فيهم أنا، كنا آنذاك من مقلدي السيد الخوئي.
أبو خليفة
علي القضيبي مملكة البحرين
27/3/2005م
شيء من الذكريات
نشأت في بيت شيعي يتقرب إلى الله تعالى بخدمة المذهب على المستويين العلمي والشعائري. توفي والدي وقد كنت حينها صغيراً، فتكفل برعايتي وإخوتي (خالي)، وهو شيخ معمم، درس في إحدى الحوزات العلمية بمنطقة (جد حفص) في البحرين، ومن ثم أكمل دراسته بمدينة (قم) الإيرانية.
كان حريصاً علينا... حريصاً على أن لا نخالط رفقاء السوء وأن لا ننجر وراء ما يسيء إلى سمعتنا وأخلاقنا ويغضب ربنا.. .
أما والدتي فكانت حريصة كل الحرص على المشاركة في المناسبات الدينية (الحزينة منها وذات الفرح )، محتسبة في ذلك الأجر والثواب.. كونها تخدم الإمام الحسين.
أما جدي (والد أمي) فكان في حياته يصنع الطبول التقليدية المستخدمة في تنظيم مسيرات التطبير في المواكب الحسينية، في مسيرات احتفالات أواخر ليالي رمضان المسماة بـ(ليلة الوداع).
ولا يفوتني أن أشير إلى أنّ جميع أهلي بما فيهم أنا، كنا آنذاك من مقلدي السيد الخوئي.
ولكوني نتاج هذه البيئة الموالية كنت محباً لحضور (مأتم الحاج عباس) بحي (الحمّام) بالمنامة منذ الصغر. فقد كنت حريصاً في صغر سني على التبكير في الذهاب إلى المأتم عند كل مناسبة، لضمان أخذ الراية التي تُحمل عادة في المواكب الحسينية قبل غيري.
وعندما كبرت قليلاً صرت أشارك في موكب عزاء المأتم ذاته بضرب (السلاسل) على الظهر.
وفي المدرسة كنت مع رفقائي حريصين كل الحرص على المناسبات الدينية، فقد كانت المناسبات الدينية بمثابة المتنفس لنا من الجو الدراسي، حيث يكثر الغياب عن المدرسة في مثل هذه المناسبات بحجة المشاركة فيها، خصوصاً أنّ أغلب أساتذة المدارس التي درست فيها من الشيعة، فلم نكن نحاسب على الغياب، بل كنا نحصل على التشجيع منهم. وللأسف كان كثير من الشباب يفرحون لقدوم هذه المناسبات، لأنهم كانوا يرون فيها فرصة ذهبية لمعاكسة الفتيات، لسهولة الاختلاط في هذه المناسبات، ولا حول ولا قوة إلا بالله..!
بالنسبة لأهلي كان الاهتمام بالنذور كبيراً، فعمتي (شقيقة والدي) كانت دائمة الإسقاط؛ إما أن يموت جنينها قبل الولادة، وإما أن يموت بعد الولادة مباشرة، تكرر ذلك لها مراراً حتى شعر أهلي باليأس، فنذروا للإمام علي إن رزقها طفلاً وحفظه من كل مكروه أن يأتوا بالمولود في صباح يوم عاشوراء من كل سنة مع موكب التطبير، وهو يلبس الكفن (القماش الأبيض) ودماء تطبير المشاركين بالموكب على هذا الكفن، ومن ثم يُركبونه فرساً يُشبه فرس الإمام الشهيد.
وُلد لعمتي ولد فأسماه أبوه (عقيل) هو عقيل عبد الجليل الأحمد، ثم ما لبث (عقيل) بعد سنوات من تطبيق النذر أن أدرك أنه لا يُنذر إلا لله وحده، وأنّ الإمام علي بشر؛ لا يُتوجه له ولا لغيره من البشر بالعبادة، لا بدعاء ولا استغاثة ولا نذر، فأقنع والده بحرمة مثل هذا النذر، وأصبحت المسألة بالنسبة له ذكرى يتندر بها مع أصحابه.
ولي حكاية لا تقل طرافة عن حكاية (عقيل) فعندما كنت طفلاً أُجريت لي عملية جراحية في عنقي، ثم ما لبث الجرح بعد أيام قلائل أن انفتح، فأُجريت لي عملية ثانية.
تقول والدتي: كانت حالتك الصحية سيئة للغاية.. كنتَ بين الحياة والموت.
ولخوفها عليّ، صدّقت ببساطتها نصيحة أحد الملالي في أن تذهب إلى إحدى المزارات الكائنة في المنامة بمنطقة السقيَّة، وتنذر نذراً خاصاً لي لعلي أتعافى من مرضي، اعتقاداً منها كسائر الشيعة أنّ العتبات والضرائح والمقبورين فيها يجلبون النفع ويرفعون الضر. ولظروف خارجة عن إِرادتها مرت سنون طويلة لم تستطع والدتي خلالها تنفيذ ما عليها من نذر حتى كبرتُ.
يتبع
وعندما كبرت قليلاً صرت أشارك في موكب عزاء المأتم ذاته بضرب (السلاسل) على الظهر.
وفي المدرسة كنت مع رفقائي حريصين كل الحرص على المناسبات الدينية، فقد كانت المناسبات الدينية بمثابة المتنفس لنا من الجو الدراسي، حيث يكثر الغياب عن المدرسة في مثل هذه المناسبات بحجة المشاركة فيها، خصوصاً أنّ أغلب أساتذة المدارس التي درست فيها من الشيعة، فلم نكن نحاسب على الغياب، بل كنا نحصل على التشجيع منهم. وللأسف كان كثير من الشباب يفرحون لقدوم هذه المناسبات، لأنهم كانوا يرون فيها فرصة ذهبية لمعاكسة الفتيات، لسهولة الاختلاط في هذه المناسبات، ولا حول ولا قوة إلا بالله..!
بالنسبة لأهلي كان الاهتمام بالنذور كبيراً، فعمتي (شقيقة والدي) كانت دائمة الإسقاط؛ إما أن يموت جنينها قبل الولادة، وإما أن يموت بعد الولادة مباشرة، تكرر ذلك لها مراراً حتى شعر أهلي باليأس، فنذروا للإمام علي إن رزقها طفلاً وحفظه من كل مكروه أن يأتوا بالمولود في صباح يوم عاشوراء من كل سنة مع موكب التطبير، وهو يلبس الكفن (القماش الأبيض) ودماء تطبير المشاركين بالموكب على هذا الكفن، ومن ثم يُركبونه فرساً يُشبه فرس الإمام الشهيد.
وُلد لعمتي ولد فأسماه أبوه (عقيل) هو عقيل عبد الجليل الأحمد، ثم ما لبث (عقيل) بعد سنوات من تطبيق النذر أن أدرك أنه لا يُنذر إلا لله وحده، وأنّ الإمام علي بشر؛ لا يُتوجه له ولا لغيره من البشر بالعبادة، لا بدعاء ولا استغاثة ولا نذر، فأقنع والده بحرمة مثل هذا النذر، وأصبحت المسألة بالنسبة له ذكرى يتندر بها مع أصحابه.
ولي حكاية لا تقل طرافة عن حكاية (عقيل) فعندما كنت طفلاً أُجريت لي عملية جراحية في عنقي، ثم ما لبث الجرح بعد أيام قلائل أن انفتح، فأُجريت لي عملية ثانية.
تقول والدتي: كانت حالتك الصحية سيئة للغاية.. كنتَ بين الحياة والموت.
ولخوفها عليّ، صدّقت ببساطتها نصيحة أحد الملالي في أن تذهب إلى إحدى المزارات الكائنة في المنامة بمنطقة السقيَّة، وتنذر نذراً خاصاً لي لعلي أتعافى من مرضي، اعتقاداً منها كسائر الشيعة أنّ العتبات والضرائح والمقبورين فيها يجلبون النفع ويرفعون الضر. ولظروف خارجة عن إِرادتها مرت سنون طويلة لم تستطع والدتي خلالها تنفيذ ما عليها من نذر حتى كبرتُ.
يتبع